Nov 6, 2023

رسالة مفتوحة للسلطة الفلسطينية

 لقد كتبت أربع رسائل مفتوحة في وقت سابق موجهة إلى: شعب غزة، والإسرائيليين واليهود الذين يدعمون الحكومة الإسرائيلية، والمجتمع العالمي، والجمهور الأمريكي (يمكنك العثور عليها على يمين الصفحة)

رسالتي المفتوحة الخامسة هذه موجهة إلى السلطة الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية

الحقيقة تُقتل مع رجالنا ونسائنا وأطفالنا في غزة. اسمحوا لي أن أبدأ بالسؤال الأكثر وضوحا. ما الذي يجعل أي شخص (ناهيك عنك يا سيد محمود عباس) يعتقد أنه يمكن الضغط على إسرائيل للسماح لنا بدولتنا في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد القضاء على حماس؟ لم يتمكن "المجتمع العالمي" (الحكومات الغربية) حتى من التأثير على معدل الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج للمباني السكنية والجامعات والمدارس والمستشفيات. ولم يتمكنوا حتى من منع إسرائيل من تدمير مرافق تخزين المياه وتجويع الشعب من الماء والغذاء. وعلى العكس من ذلك، فقد شاركوا في إسكات الأصوات الفلسطينية في بلدانهم وشاركوا بدعم عسكري وأموال. تعريف الجنون هو الاستمرار في فعل نفس الشيء وتوقع نتائج مختلفة. ظلت مجموعة أوسلو تفعل ذلك لمدة 30 عامًا، وكانت النتيجة ترسيخ الاستعمار حيث يوجد الآن أكثر من 900 ألف مستوطن يهودي في الضفة الغربية. الاستمرار في ترديد شعار الدولة في مناطق 1967 هو جنون.

قال أحد الوزراء الإسرائيليين إن على إسرائيل أن تفكر في إسقاط قنبلة نووية على غزة. إنه ليس وحده. لقد عرض نتنياهو بنفسه خريطة للشرق الأوسط الجديد في الأمم المتحدة قبل بضعة أشهر لا تحتوي على أي إشارة إلى فلسطين أو الفلسطينيين. وقال الرئيس الإسرائيلي نفسه إنه لا يوجد فلسطينيون أبرياء في غزة ويشاركه رأيه كل قادة اسرائيل. لقد أسقطت إسرائيل بالفعل ما يعادل قنبلتين نوويتين على غزة، وتفرض الموت جوعا وعطشا على الملايين. هل يمكنك تسمية مكان آخر خلال المائة عام الماضية حيث تعرض ملايين الأشخاص لمثل هذا الحرمان من الماء والغذاء والكهرباء والوقود والأدوية؟ لكن اللافت للنظر هو أن الأمم المتحدة مشلولة والمذبحة تحدث بدعم من الحكومات الغربية بقيادة الولايات المتحدة (شركاء في الإبادة الجماعية). يستشهد مدنياً كل أربع دقائق في المتوسط وستة أطفال كل ساعة، فلماذا يجتمع السيد محمود عباس مع بلينكن المذنب بنفس القدر في هذه المذابح? حتى أن مواطنين أمريكيين قاموا بمقاطعة ظهوره وأخبروه أن يديه ملطختان بالدماء. لكن حتى لو كنت تعتقد فعلا أنه يمكنك جعل بلينكن يعطيك شيئا (ربما فتات) فمن الذي أذن لك أن تقول له إن منظمة التحرير الفلسطينية لا تزال الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وعلى رأسها أنت? لماذا لا تقومون على الأقل بتشكيل حكومة وحدة الطوارئ الخاصة بكم (نعم بما في ذلك فصائال اسلامية سواء اتفقنا معها أم لا). لما لا يحق لنا ما يحق لدولة الإحتلال؟ لاحظ مع اختلافهم أن جميع أعضاء الحكومة الإسرائيلية المؤقتة التي تدير هذه "الحرب" فإنهم متفقون على أن استهداف المدنيين الفلسطينيين وتجويع 2.3 مليون وتدمير جميع مرافق الرعاية الصحية هو أداة مشروعة.

بعد مرور شهر على إرهاب الدولة الذي يتعرض له سكان غزة نفد الوقت! وتعلموا بوضوح أن سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية أصبحت أكثر حدة من أي وقت مضى  وسيأتي دورنا وثم بقية العالم العربي بعد غزة. هل تعتقدون حقاً أن تصريحات بلينكن الجوفاء حول حاجة إسرائيل إلى كبح جماح المستوطنين في الضفة الغربية لها أي فائدة؟ وهو نفس النوع من التصريحات القائلة بأنه أثناء مكافحة الإرهاب يتم تشجيع إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي (وهم لا يفعلون ذلك ولن يفعلوا ذلك). ألا تعلمون أن هذه حكومة المستوطنين وجنودها ووزرائها... إلخ، كلهم يدعمون القتل والتطهير العرقي للفلسطينيين سواء في مناطق 1948 أو في الضفة الغربية أو في غزة.

يدعو الناس بحق إلى "وقف إطلاق النار"، لكن هذه دعوة  لوقف مؤقت لذبح الفلسطينيين الأبرياء على يد جيش الاحتلال الفاشي الذي كان عازمًا على إنهاء المهمة التي بدأها عام 1948. لقد تعرضنا للضرب لمدة 75 عامًا من قبل القوة الصهيونية المدعومة من الدول الإمبريالية (سايكس بيكو 1916 و دعمت الولايات المتحدة إعلاني كامبون وبلفور في عام 1917 وما إلى ذلك) وخانهما الزعماء العرب الفاسدون لأكثر من 100 عام (بما في ذلك زعماءنا). لقد حُرمنا حتى من حقنا في رواية قصتنا أو الحداد على موتانا. وقد قاوم بعض الفلسطينيين بأعمال بطولية مما أدى إلى تأخير تقدم هذا الكيان المهيمن لعقود من الزمن. الآلاف يقبعون في ظروف مزرية في الزنزانات الإسرائيلية. وتعلمون أيضاً أن اللوبي الصهيوني نجح في استعمار العديد من العواصم ووسائل الإعلام الغربية، وحتى المجمع الصناعي العسكري الذي حذرنا منه الرئيس الأمريكي روزفلت.

لقد أظهر لك السياسيون الإسرائيليون المنتخبون (بموجب قوانين الفصل العنصري، يجب أن يكونوا صهاينة) مرارًا وتكرارًا أنهم يريدون تصفية القضية الفلسطينية. تحدد خطة ألون لعام 1968 (التي انعكست في اتفاق كامب ديفيد عام 1979 واتفاق أوسلو عام 1993) الحد الأقصى الذي يمكن أن تطمح إليه للحصول على "حكم شبه ذاتي" تحت السيادة الإسرائيلية وأنت تعلم ذلك. في كتابي "تقاسم أرض كنعان" شرحت السبب لماذا لم ولن يكن هناك  صراع ضد الاستعمار انتهى إلى حل الدولتين. كفا أوهام.

بعد هذه الأحداث في غزة، أصبح الحفاظ على وهم الدولتين أكثر صعوبة. مع تمكين وتسارع الاستعمار الإسرائيلي في الضفة الغربية سوف تصبح الكانتونات  دائمة وأكثر عزلة ما لم نتجاوز المحاولة البائسة والخادعة لمناشدة الحكومات الغربية والحكومات العربية المتواطئة من أجل اعطائنا الفتات. ماذا يمكن ان نفعل للارتقاء إلى مستوى التحدي الوجودي؟

1) تغيير منظمة التحرير الفلسطينية باتجاه الديمقراطية وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فيجب إنشاء مظلة جديدة للشعب الفلسطيني. وهذه طريقة لضمان تعزيز مشاركة 15 مليون فلسطيني وحملهم على التبرع والعمل والضغط على الحكومات أينما كانوا.

2) يجب علينا أولاً وقبل كل شيء أن نعتمد على أنفسنا في تشكيل مستقبلنا بتواضع وحزم. نرحب بكل الحركات التضامنية والنضالية المشتركة (وهي في تزايد) إلا أن تحديد التوجهات وخطط العمل يجب أن يتم بناء على دراسات وتحليلات داخلية متأنية ومدروسة. يجب على المثقفين الفلسطينيين أن يلعبوا دورا هاما هنا. يجب أن تحتوي خطة العمل المحددة على معايير ذكية (محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وواقعية ومحددة زمنياً)

3) نحن بحاجة إلى إحداث ثورة في الدبلوماسية العامة والقوية. تحتاج وزارة الخارجية التابعة لحركة فتح إلى تغيير جذري. فمع استثناءات قليلة (مثل السفير حسام زملط)، لدينا أغلبية من "السفراء" الذين يجلسون على مكاتبهم ولا يقومون إلا بالقليل وبعضه مضر. الدبلوماسية العامة لا ينبغي أن تعطي الشرعية للفصل العنصري وتسمح بالتطبيع مع نظام الأبارتهايد. بل نصر على إزالة الفصل العنصري.

4) محاربة الفساد على كافة المستويات. قضية نبيلة مثل فلسطين لا يمكنها تحمل الأنظمة الفاسدة. يشمل هذا قضاء مستقل وقوانين لا تحمي الفساد

5) (إعادة) التعليم هو عنصر أساسي في أي حركة حرية. أطفالنا هم مستقبلنا ويجب علينا التركيز على خلق أفضل بيئة للتعلم الذي يقوي الشعب ويصنع مستقبل أفضل

بالتغيير نكون وفيين للتضحيات: لدم الشهداء والمصابين ولمعانات المشردين

يجب على الجميع تحمل المسؤولية  

No comments:

Post a Comment