بدأ تعارفي بعائلة الأعرج في 2009. في تلك السنة
قابلت باسل وشيرين و أنضممت معهم في مظاهرات قرية الولجة ضد الجدار العنصري. في 6
آذار 2017 اغتيل باسل على يد الجيش الإسرائيلي، كان يبلغ من العمر 31 ربيعا،
سيتحدث الآخرون عن استشهاده، أما أنا فسأتحدث عن حياته وعما قال لي، سيود باسل أن
تكون الأمور بهذه الطريقة.
عرفت تفاصيل حميمة عن حياة باسل وعائلته في المرة
الثالثة التي احتجزنا فيها معا، كان يبلغ 24 ربيعا وكنت أنا ضعف عمره، كان ذلك
فيما وصفه باسل بدقة "زنزانة لا تصلح للحيوانات" والتي أنا ومجموعة من
الفلسطينيين الذكور شاركناها مع فلسطينية وهي صديقتي وعمة باسل شيرين الأعرج، لقد
تم احتجازي مرتين مع باسل ومرة مع شرين قبل ذلك الحدث (ومرات بعده). تلك الاعتقالات
عمقت تقديري للعائلة وحصافة طباعهم وصدق تعاملهم ووطنيتهم مما أكسبهم احترام قرية
الولجة بكاملها وأجرؤ القول احترام كل فلسطين، هذا يشبه عائلة التميمي في النبي
صالح، ولم يكن محض صدفة أن يكون باسم التميمي بيننا في الولجة بعد يوم من اغتيال
باسل وفي جنازته، أنا هنا لن أروي قصة عن باسل ولكنني أعيد سرد ما قاله باسل لي فكلامه
أهم من أي شيئ ممكن أن أقوله. معظم ما هو هنا كتبته في 2014 وكنت أنوي نشر قصص
فلسطينية ملهمة في كتاب وكانت قصة باسل وشيرين الولجة تتصدرها. بهنا قمت أ)
بإضافة هذه المقدمة ب) تغيير الأفعال بدل الحاضر إلى صيغة الماضي (مثلا يقول باسل تصبح قال باسل)
وج) أضفت خاتمة مقتضبة بآخر ما قاله وعن جنازته.
في بداية ذلك اليوم في 19 أيار 2011اجتمعت مجموعتنا على منحنى
التل المدرج والذي يعج بالأشجار وبستان زيتون حيث خططنا للعمل مع الإسرائيليين،
كنا مصممين جميعا على الدفاع بأجسادنا عن نجريف أشجار الزيتون وكانت نهايته ساعات
بالحديث رهن الإعتقال وكان لدينا الوقت. في ذلك اليوم سيق
خمسون منا إلى زنزانة صغيرة- كلهم ذكور وامرأة واحدة هي شيرين الأعرج. من جميع
الأعمار البعض كان لم يبلغ الثانية عشر من العمر والبعض الآخر مثلي ومثل يوسف الشرقاوي في الخمسينات والستينات.
أغلبنا يسجن لأول مرة، كان الجنود الإسرائيليين الذين اعتقلونا يبدو عليهم البؤس
والعصبية أكثر منا نحن المحشورين في تلك الغرفة الصغيرة، محتشدين في
زاوية على أرض الزنزانة الإسمنتية الباردة همسنا، وبرغم الجوع والإرهاق حافظنا على
معنوياتنا عالية بالحديث وبشجاعة عن مستقبل يرتكز على التعايش حيث يتشارك جميع
الناس في أرض واحدة في دولة ديمقراطية واحدة، تمحورت الموضوعات على إنهاء القمع
والمدارس الحكومية المنفصلة، أخذ التخطيط الحالم بالمثالي ينساب طبيعيا بين رفاق
جمعهم الصراع مما ساعد على صد بؤس الزنزانة وأبقى المعنويات عالية، تحرك الحراس
جيئة وذهابا بعصبية مترددين في السماع لأحاديثنا المهموسة قبل إصدار توبيخ جديد
لمنع التحدث. كانت جريمتنا هي المقاومة الشعبية. عدم ارتياحهم
كان يكشف عن الشعور بالذنب الذي تعلموا التعامل معها بالتدريب من خلال العنف، اعتدوا
علينا بالضرب وجعلونا نقف مضروبين وننزف في الشمس لساعات. لم ينظر إلينا الحراس
الأصغر سنا مباشرة بالعين، إذ أنهم أخفضوا رؤوسهم ونظروا حولهم في إيماءات وشتات عدم
اليقين والاضطراب ويمكن القول حتى الخوف. تسائل باسل إذا ما كان ذلك هو الشك أو خوف
امجرم من العقاب القادم. بدأ أربع إسرائيليون معتقلون معنا التحدث بالعبريةللجنود
وبالنجليزية معنا والتي يجيدها باسل وشيرين بالرغم من أن الجنود منعونا من التحدث.
شركائنا الإسرائيليين في الزنزانة عملوا على خفض أصواتهم مع إبقائها مسموعة كفاية
للحراس. الحراس أبدوا الإستياء وتنبيهنا بين الحين ولالآخر ولكن وبدافع الفضول لم
يفرضوا أي عقوبة واسترقوا السمع للمحادثة. مع توخي الحذر لأاننا نعرف أن هنالك "عصافير" (مخبرين بين
السجناء لجمع المعلومات) وربما أجهزة تجسس. وثقت في باسل وشيرين اللذين عرفتهما لمدة لا تقل
عن عامين قبل هذا الاعتقال ولكن تحدثت إليهما عن أمور عادية لاحتياطنا وخصوصا باسل
حديثا مطولا عن عائلته. حكى لي باسل قصة جده إبراهيم والقرويين
في الولجة والذين قاوموا ضد المحتل الإسرائيلي ببسالة لحماية أرضهم.
عندما انتهى حديث المجموعة بدأنا نتحاور في
مجموعات أصغر أو حوار واحد لواحد، اقترب مني باسل وسألني عن عائلتي، وسألته بدوري
عن عائلته، وقد أبهرني لمحات الحياة الأسرية والتاريخ (جزئيا
بسبب أنني كنت أكتب كتاب عن المقاومة الشعبية في فلسطين والذي نشر بعد ذلك في
2012)، بعض ما أكتبه هنا كان من المفترض أن يطبع في ذلك الكتاب ولكن المحرر اقترح
بحكمة أن يكون الكتاب أقصر ومركز وأن أترك القصص الشخصية المفصلة (ولدي الكثير
منها) إلى كتاب آخر، حاولت أن أتذكر أغلب ما قاله لي الشهيد باسل في زنزانة السجن
تلك، ولأتأكد من التفاصيل زرته بعد ستة أشهر في بيته في قرية الولجة، وقضيت أمسية
كاملة أتعرف على تفاصيل الولجة وعائلته.
على كل حال، بدأ باسل بالشرح أن قريته قبل 1948
كانت موجودة داخل حدود الخط الأخضر على خط سكة الحديد المتجهة من القدس إلى اللد ويافا
ثم حيفا والتي تمر من وسط اراضي القرية، يتحدث القرويون عن محصول زراعي وفير قبل النكبة
سنة 1948، المحاصيل الزراعية من الولجة كانت مشهورة في أسواق القدس ويافا وساهمت
في اقتصاد فلسطيني مزدهر. قال باسل أن المسلمون والمسيحيون عاشوا
في هذا الجزء من البلاد في وئام وسلام. لم يكن من
النادر أن تتحول العائلات عن المسيحية إلى الإسلام. فعائلة الأعرج في الولجة مسلمة
بينما عائلة الأعرج في بيت جالا المجاورة مسيحية )لأنهم من أصل واحد). يوجد في
حدود القرية ديران مسيحيان: كريمزان الذي يقع بين الولجة وبيت جالا، ومسكاري الذي
يقع بين الولجة وعين كارم. الاستكشاف الأثري لقرية الولجة يظهر كنائس منها في عين
الجنينة والتشارشة (من كنيسة church)‘ وحديثا جعلت السلطات الإسرائيلية آخر عين
ماء وآثارها البيزنطية ممنوعة الدخول لسكان الولجة الباقون (كنت قد تنزهت هنالك
ودرست الطبيعة مع باسل).
الولجة سيئة الصيت لدى الاستعمار كمكان شهد على
ثورة 1938 ضد الاحتلال البريطاني ودعمه القوي للصهيونية، إن التقارير الرسمية روت
التاريخ من جانب بريطانيا، أحد المواقع الإلكترونية البريطانية يقول
"في 11 تشرين أول 1938، فإن الملازم ثاني ر.
ي. ميلر R.E.Miller
برفقة مفرزة من فصيلة "د" تم قطع طريقهم وقنصهم بكثافة من أحياء قريبة
بينما كانوا ينفذون عملية استطلاع على خط الولجة قرب القدس، المفرزة خرجت بنجاح
بالدعم الجوي وليس قبل أن يقع ضحايا في صفوف الأعداء" http://www.worcestershireregiment.com/wr.php?main=inc/bat_1_1939
في 29 تشرين ثاني عام 1947 أوصت الجمعية العمومية
للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، أخذت القوات الصهيونية ذلك القرار كضوء أخضر للبدء
بالتطهير العرقي والذي أدى إلى مقاومة من قبل بعض الناس (معظمهم فلاحين بسطاء مثل
الولجة كما قال باسل). حصلت معارك مثل ماذكرنا ومنها القسطل القريبة من الولجة وفي
مداخل القدس والتي استشهد فيها القائد عبد القادر الحسيني. قال الحسيني أن وأن جامعة الدول العربية قد أوكلت
قضية فلسطين إلى لجنة عربية عسكرية عليا وأن هذه طالبته بعدم الذهاب نحو القسطل
فقال ردا عليهم :إنني
ذاهب إلى القسطل وسأقتحمها وسأحتلها ولو أدى ذلك إلى موتي والله لقد سئمت الحياة وأصبح الموت أحب إلي من
نفسي من هذه المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة ، إنني أصبحت أتمنى الموت قبل أن
أرى اليهود يحتلون فلسطين ، إن رجال الجامعة والقيادة يخونون فلسطين .
جد أبو باسل وهو أبو خليل كان رفيقا لعبد القادر
الحسيني وقاتل ببسالة وأصيب مدافعا عن أرضه في وجه الإستعمار الاستيطاني الصهيوني
ورعاته (الإنتداب البريطاني)، عرفت لاحقا أن جندي أردني قال لجد باسل بأن هناك
مؤامرة أردنية-إسرائيلية لتعديل الحدود والتنازل عن الولجة ومناطق أخرى (يشبه ما
ثبت حصوله للقرى في منطقة المثلث في الشمال).
حاولت اسرائيل مرارا احتلال القرية وتهجير
سكانها، في الرابعة صباحا من 21 تشرين أول عام 1948 بدأت آخر محاولة والتي نجحت.
كانت في غمار موسم قطف الزيتون. يتذكر ابراهيم جد باسل ذلك الوقت، لقد نشروا ثمار
الزيتون الوفير استثنائيا في ذلك الموسم على أسطح المنازل تحضيرا لفرز الزيتون للتخليل
(رصيص) أو لعصر للزيت. وصف باسل ردة فعل
جده في تلك الليلة، "بينما كنت أحلم في أيام العمل أمامي فجأة أفقت على صوت
القنابل وطلقات الرشاش على القرية، كانت تأتي من ثلاث اتجاهات. سمعت البكاء
والصراخ يصدح في القرية، وشاهدت الجيران يجبرون على الرحيل تحت تهديد السلاح،
بعضهم كان في ملابس النوم ولم يعط لهم الوقت لجمع أي من أشيائهم"، قال باسل
أن القصف استمر خلال الليل والنهار وانتهى بعد 24 ساعة. ويضيف : يتذكر كيف وضع جدي أشقائه (أعمارهم وقتها 15، 6، 4، 2) في محطة القطار في بتير وذهب ليبحث عن
والديه وأعمامه (تفرقوا في جحيم القتال)، قال باسل أن جده كان صلب رابط الجأش
ويلهمنا النظام والثبات والصمود.
تذكّرتُ، كيف إنّ تلك الأجزاء من سرْدِ
"باسل" الذّكريات عن جدِّه، رسمت على مُحيّاه ملامح الكبرياء، و أسمح
لنفسي بالتّجرّؤ أن أقول إنّه حنين لماضي بعيد فيه كرامة وكبرياء. من الواضح إنّ
"باسل" رأى البطولة في أفعال جدِّه. و حين عَلِم باسل أنّني من بيت
ساحور، قال لي بأنه حينما لمّوا شملهم، لجَأت العائلة كلها لِفترةٍ قصيرة بين
أشجار الزّيتون في بيت ساحور، و ذلك قبل أن يتمّ ترسيم الحُدود، و يُسمح لهم
بالعودة إلى الولجة الجديدة (الجزء من أرض الولجة التي أصبحت تحت الحُكم الأردني).
قال باسل أنه أنه َقبْل ترسيم الحدود وجَدت عائلتة
صديقاً دعاهم للسكن في قريته التي تُدعى "بريضْعة" قرب التعامرة في شرق
"بيت لحم". و قد نجح بعض الرجال في التّسلّل إلى بيوتهم في الولجة و العوْدة ببَعض القمح و الزّيتون الذي
ساعدهم في الصّمود لمدّة ستّة أشهر. و عندما انتهى التّموين الذي كانوا قد هرّبوه
من بيوتِهم. قرّر إبراهيم ألا يستمرّوا عند أصدقائهم، و إنّ عليْهِم إيجاد مأوى
آخر، و لكن أيْن؟ ففي هذه الأثناء، كانت
دوْلة "إسرائيل" الحديثة التّأسيس قد احتلّت 80% من أراضي
"الوَلَجَة"، و قد بقي 20% مِنْ أراضي "الوَلجَة" تحت السيطرة
الأردنيّة خارج خط وقْف إطلاق النّار، واسْتَوْلت "إسرائيل" على الجزء
الخَصْب من أراضي القرية و أبْقَت على الأجزاء الجبَليّة منها التي تصلح لرعاية
الأغنام فقط وهنالك عادوا ليسكن بعضهم المغاور. في بدايات الخمسينيّات من القرن الماضي استمرّ
بعض أهل القرية في التّسلّل إلى أراضيهم عبْر الخط الأخضر للعناية بأراضيهم و
زراعتها و قطف ثمار أشجارهم. كان تصرّفهم خَطِرا لأنّ "إسرائيل" حديثة
التّأسيس أصْدَرَتْ في سنة 1949 أوّل قرارٍ عسكريّ بإطلاق النّار فوراً على
القرويٍّين الفلسطينيّين الذين أصبحوا الآن لاجئين إذا حاولوا العودة إلى أراضيهم
أو إذا حاولوا فِلاحة أراضيهم ك"متسللين". و ما رواه "باسل"
إنّ الحكومة الأردنيّة تآمَرت مع إسرائيل لمَنْع تلك "التّسلّلات" عبر
الحُدود، و ذلك خوفاً من هجْمات "إسرائيل" وعقابها الجماعي الذي كان
شائعاً في ذلك الوقت. في إحدى الحالات قبضت القوات الإسرائيليّة على أحد أفراد عائلة باسل ولم
تقتله وحين أطْلِقَ سراحه اتّهمتْه الحكومة الأردنيّة بالتّعاون مع "إسرائيل"
و أنفقت العائلة ستة شهورٍ في سبيل إطلاق سراحه كما أنفقت الكثير من المال بدل
أتعابٍ قانونيّة.
عاش بعض أفراد عائلة الأعرج بما فيهم عائلة إبراهيم
جدّ باسل في مغارة، بينما اسْتَقَرّ آخرون في غرفةٍ صغيرة عند الطّرف الغربي من
أرض القرية في مكانٍ يُدعى وادي هِلس القريب من المَخْرُور - بيت جالا حتّى سنة
1964. و في أوائل الستّينيّات أدرَكت الكثير من عائلات "الوَلَجَة" بأنّ
احتمال عوْدتِهم إلى بيوتِهم ما وراء الخط الأخضر ضئيلٌ لتمادي الخيانة وأنّ
"إسرائيل" لن تنصاع للقانون الدولي الذي نادى بِحَق عودة اللاجئين. فعاد
بعض اللاجئون الذين يملكون أراضي في
المنطقة الباقية و بدأوا في بناء "الولجة الجديدة". وكانت السّنوات قاسية.
و يروي باسل كيف يتذكّر والده مُعاناة أفراد العائلة من الأمراض الجلديّة، و
المجاعة، و القمل، و من صدمة النكبة التي توغّلت في حياة الناس، و سبّبَت لهم
الجِراح النفسية. و يذكر كيف إنّ أحد أفراد العائلة رفض أن يسمح لأبنائه الذّهاب
إلى المدرسة، حيث ذكّرهم بأنّه من الهامّ أن يبقوا فلّاحين لكي يعودوا إلى الولجة،
بينما رفض أبٌ آخر أن يسمح لأولاده البالغين أن يبنوا بيتاً خارج الولجة و قرر الجد إبراهيم أن يتعلّم مهنة جديدة
فاخْتار أن مهنة "دَقّ الحِجارة"، الأمر الذي مكّنه بعد تعلمها من أن
يجد عملاً في الأردن و في لبنان، و بذا استطاع أن يُوفِّر النّقود التي كانت كافية
لكي يبني غرفةً واحدة خارج المغارة التي سكنوها منذ لحظة ترحيلهم.
في 5 حزيْران 1967، و خِلاف لِلمُتَوقّع، تمّت
مهاجمة "الولجة الجديدة" من الشّرق لا من الغرب. و توقّع بعض سكان الوَلجة إنّ الهجوم من الشرق
تمّ باتفاقٍ بين النظام الأردنيّ و "إسرائيل" كما قال باسل. و ذكرأيضاً
إنّ جدّه الذي جُرِح في الدّفاع عن فلسطين سنة 1948 بكى بِمرارةٍ بنَكْسة 1967
لدرجة إنّه عانى من جلطة دماغٍ أفقَدَته بصره. و على إثرها تُوفِّي مخضوب الجناح
بعدها بِشهر.
أنهت الأسلحة المتقدّمة الإسرائيليّة الحرب بعد ستة
أيام من بدئها، (تعلّم الفلسطينيّون بأنهم لو تركوا بلادهم خلال الحرب، فإنّهم لن
يُسمح لهم العوْدة إليها فبقيت العائلة). قبل إغلاق الحدود، قال باسل بأنّ جدّه إبراهيم
ذهب إلى الأردن و اصطحب أمّه التي كانت في زيارةٍ
في الأردن. ونتيجة لضيق الحال وضنك العيْش أٌجْبِر العديد من الفلسطينيّين
على العمل مع سادة الأرض الجُدُد. وقال باسل أن الكثير منهم قادهم غضبهم ومرارتهم و
اعتِدادهم بأنفسهم إلى تسريحهم من عملهم في اليوم نفسه أو خلال يوميْن لأنّهم
أظهروا اعتِداداً بأنفسهم و رفضِهم قبول إهانات محتلّيهم. في 1982وصل إلى الحكم في
إسرائيل جناح اليمين برئاسة "ميناحيم بيجين"، و كانت نيّته المزيد من
الاستيلاء على الأرض، و بناء مستوْطنات
استعماريّة في الأراضي المُحتلّة في الوقت الذي دقّوا فيه طبول الحرب على الحدود
مثل حدود لبنان بارتكاب المجازر و جرائم الحرب. بدأت حكومة "بيجِن"
بالاسْتَيلاء على المَزيد مِن أراضي "الولجة الجديدة. وَ جَرَتْ المُحاولات
للاسْتِيلاء على 30 دوُنُماً تملكها عائلة الأعْرج. وقاوَمَت العائلة و ذهَبت إلى
المحكمة و زَرَعت الأشجار في الأرض وحاوَلَت عدّة أفعال للمحافظة على ما تبقّى مِن
أملاكِهم، فنجَحتْ في الحِفاظ على الأرض لِسَنَواتٍ عِدّة، و لكنّ "إسرائيل"
بدأتْ في بناء جِدار فصلٍ عُنصُرِي هدفه فصل النّاس عن أرضها وجَعْلِهِم يعيشون في سِجْنٍ
مفتوح على أملِ أن يضطرّوا للرّحيل. لكنّ باسل وشيرين وعائلاتٍ أخرى رفضوا أن
يتْرُكوا الارض. وهنا توقّف "باسل" عن الكلام فطلبت منه أن يُحدّثني
بِتَفصيلٍ اكثر عن نفسِه.
قال لي: " كانت ليلة موْلِدي باردة و عاصفة.
و لهذا اعتقد و الداي (سهام و محمود) بأنها علامة على إنني سأعيش حياة قاسية. كنت
صغيراً جدّاً بِحَيْث و لا أستطيع تذكّر الكثير عن نشأتي إلّا إنني أتذكّر جيّداً
إنّني كنت دائماً أحرِص على لبس حذائي أثناء نومي لكي أكون مستعدّاً حين يتمّ
إجبارنا أن نترك منزلنا. و أتذكّر أيضاً إنّ حيازتنا العلم الفلسطيني في
التسعينيّات من القرن الماضي كانت جريمة لا تُغْتَفر. كان اقْتِناء العلم
الفلسطيني يُعَدّ أمراً غير قانوني بينما كانت حيازته قيمة كبيرة بالنسبة لنا. و
أتذكر إنني يوماً ما أخذت علماً صغيراً من إحدى السيّارات، الأمر الذي جعلني أشعر
بالذّنب، و لكنّني أردت الحصول عليه بشكلٍ كبير، إلا إنّ أحد الأولاد الأكبر سنّاً
أخذه مني. و كانت في بيتنا زاوية خاصّة لآلة خِياطة لحِياكة ملابس العائلة، و
لكنّنا استخدمناها ليْلا فيما بعْد لصُنع الأعلام الممنوعة مِن قِبَل إسرائيل. "
و لكن واصَل
"باسل" كلامه ليتحدّث أكثر عن السياسة وأقل عن نفسه وانطرق إلى
اتفاقيّات "أوسلو"، فقال إنّ اهتمامه بالسياسة بدأ حين كان في سنّ
العاشرة. لقد كان الهدف من اتّفاقيّات "أوسلو" الاعتراف المُتَبادل،
فاعترَفَت منظّمة التحرير الفلسطينيّة بإسرائيل، و تنكّرت الأخيرة للاعتِراف بِ
"فلسطين"، و بدلا من ذلك فقد أوجدنا "سلطة فلسطينيّة" إعترفت
بشرعية كيان مغتصب لفلسطين. اعتقد باسل و اعتقدت عائلته أيضاً بأنّ اتّفاقيّات
1993-1994 أوْجدت حكومة مُتعاونة على غِرار حكومة "فيشي" في فرنسا خلال الإحْتِلال
النّازيّ. ورأتْ حقبة ما بعد سنة 1994 تطوّراتٍ جَلبَت تحدِّياتٍ للنّاس في الوَلَجة
والقُرى المحيطة بها. كانت "إسرائيل" تتحرّك باتّجاه توسيع الموْجود من المستعمرات وتَشْرع في بناء
البُنية التّحتيّة للمُسْتوطِنين. البُنية التحتيّة في المناطق الفلسطينية تهالِكت. و خطّة "إسرائيل" لَتحسين بنية الغاصبين
تطلّب منها الاسْتيلاء على المزيد من الأرض. فَحِين تمّ بناء المستعمرة اليهودية
"هار جيلو"، سيطرت "إسرائيل" على المزيد من أراضي الولجة و بيت
جالا. وتربط المستعمرة بِبَقِيّة المستعمرات و بِالقدس المهودة. و فقدَت "عائلتنا
(الأعْرج) الصغيرة" أربعة دونُماتٍ إضافيّة في مدخل القرية الجديدة. وأضاف
"كان الأسوأ، فقدان القرية حقّ الوصول إلى نبعتيْن من مياهنا الجوْفِيّة. و
في أواخِر سنة 1990 بقيَت للقرية نبعة واحدة فقط يُمكن الوصول إليها مِن أصل 22
نبعة ، و أصبح فيما بعد مستحيلٌ الوصول إليها بسبب بناء سور الفصل العنصُرِي. و
ظلّ أهل القرية على ثباتهم والمُقاومة. و شارك كل واحد منا في المقاومة الشعبيّة
التي تمثّلت في الصّمود بالجلوس على الأرض، و تقديم العرائض، و المظاهرات، و
بالوسائل القانونيّة باللجوء إلى المحاكم الإسرائيليّة. و قد اجبر اسلوب المقاومة السلميّة القاضي أن
يسأل الحكومة الإسرائيليّة إزاحة الطريق 19 متراً بعيداً عن بيتنا " و نصب
الإسرائيليّون نقطة تفتيش عسكريّة عند مدخل قرية "الوَلجَة" أمام بيت شيرين
و باسل. وأضاف "وبدأت الآن معركة الإرادات، فاقْتَحم الجنود الإسرائيليّون المدَجّجُون
بالسِّلاح البيوت بِغَرَض إرهاب العائلات و إجبارها على الرّحيل. و أهانوها. و
هاجموا الأطفال الذين حاولوا منع الجنود من دخول الدّخلة التي تقود إلى أحد
البيوت. تحرّكت جرّافة إسرائيليّة من خلال
الشوارع الضّيّقة حاملة معها التّراب الذي وضعته عند مدخل القرية بهدف إغلاق
الطّريق. و عاودت الجرّافة الكرّة خلال اليوم عدّة مراتٍ حاملة التراب و وضعه في
مدخل القرية لمنع القرويّين من الدخول أو الخروج من القرية. و وَاصل أهل القرية
الليل بالنّهار لإزاحة الحاجز الترابي الذي أوجدته الجرّافة حتّى استطاعوا تنظيف
المدخل و إعادة فتْحه. و قام الجنود الغاضِبين بالانتقام من العائلات. حين كان
الجنود الإسرائيليّون يشعرون بارْتِياح العائلة، يقومون بإزعاجها بأيّ عذر يخطر
بِبالِهِم. فالقيام بحفلة باربيكيو و شِواء اللحم، و لعب الأطفال بالكرة، و
ارتّفاع الأصوات خلال مناقشة عائليّة ساخنة أو تشغيل الموسيقى كلّها كانت أسباباً
لشعور الجنود بالإهانة. و زادت المقاومة، و كذلك زادت هجمات الجنود. تدرّجت الاعتِداءات من اقتِحام البيوت و إهانة
العائلات إلى اسْتِخدام قنابل الغاز المسيلة للدّموع، إلى استخدام الرّصاص
المطّاطي، إلى استخدام الذّخيرة الحيّة في بعض الأحيان. و مع تكرار مُحاولات الجيش
الإسرائيلي لجعل حياة النّاس جحيماً، أصبحت عائلتنا (الأعرج) أكثر تصميماً على
النّضال لكي تحافظ على بيوتها و أراضيها. ذكر
"باسل": "أصبحنا سنة 2006، على علمٍ بخطّة إسرائيل، حين رأينا
خارطة الجدار الذي يطوّق الولجة كما السِّوار حول المعصم. و إذا ما تمّ بناء
الجِدار العالي (30 قدم) كما هو مُخطّط، فسوف يعزل الولجة الجديدة كليّاً عن
أراضيها الزّراعيّة، و يحرم الأهالي من مصادر حياتِهم. و يتطلّب بناءه تدمير ثلاثة
و ثلاثين منزِلا في الولجة الجديدة. بالإضافة إلى إعطاء 88 عائلة إشعارات بِهدم
بيوتها فيما بعد".
قال باسل إنّه درس الصيدلة في مصر من سنة 2002 و حتى 2007. وفي أثناء وجوده
هنالك واصل أصدِقاؤه و أقاربه الكِفاح من أجل أراضيهم. و كانت هناك اعتِقالات
لأولئك الذين قاوموا و كان من بين المُعتقَلين صديق عزيز عليه قابعٌ الآن في
السجون الإسرائيلية حيث تمّ الحكم عليه 40 عاماً بِسبب مقاومته (أريد أن أعرف اسم
هذا الشخص). سألته من أحبّ الناس إليه من
أفراد عائلته عدا عن ابويْه، فقال إنه يحبّهم جميعاً. و حين ضغطّت عليه كي يعطيني
إسم شخص ذكر اسم أبوه وعمَّه المحامي خالد الذي يدافع عن الناس. و ذكر اسم عمّته شيرين
(المرأة القويّة التي تحتاج أن أخصِّص لها مقالة/فصلاً). فقد تعلم من شيرين قيمة
المقاومة الشعبية. لقد أتى كفاح هذه العائلة في الولجة بنتائج إيجابيّة، إذْ تمّت
إزاحة نقطة تفتيش الجيش الإسرائيلي سنة 2005. و تمّ سجْن "باسل" 3 مرّات
كما تمّ اعتِقاله 3 مرّاتٍ أخرى (هذا قبل 2011 عندما عملت معه المقابلات). و قد
عانى من جِراحٍ متعدّدة بما فيها كسر
أضلاع قفصه الصدري مرّتيْن. و قد تذكر بمرارة وحْشَية الجنود الإسرائيليّين الذين
كسروا عمداً نظاراته الطبية التي يستعملها بسبب قصر النظر. بعد أن فقد وظيفته كصيدلي (و ذلك بسبب نشاطه)،
تمّ تعيينه مؤقتا لمدّة قصيرة لكي يعمل باحثاً في المتحف الفلسطيني. كانت تلك هي
المرّة الأخيرة التي رأيته فيها عندما
تحدثنا عن خططنا للمتحف هنا في بيت لحم وأعطاني بعض الملاحظالت عن المتحف في بير
زيت. ثم سمعت باعتقاله وزملائه وسوء
معاملتهم من قبل "السلطة الفلسطينية" وحاول الكثير منا الضغط لإطلاق
سراحه ولم يتم ذلك إلا بعد عة أشهر وأعتقد أن هذه التجربة كانت نقطة تحول.
أصبح بعدها مطلوباً مِن قبل "السلطة
الفلسطينيّة" و مِن قِبل الإحتلال. و لقد انتابتني مشاعر سيئة لأنّنا لم
نتواص و بكيْت على فقدان صديقي باسل أكثر من بكائي لِفقداني ابنة عمي (المرأة
الجميلة التي تركت وراءها طفليْن) حيْث ماتت في اليوم نفسه الذي إستشهد فيه باسل. لا أزال أشك في رواية الإسرائيليّين بأنه كان
يحمل السلاح أو ربما لا أعرف وربما هذا ليس المهم. إذا كنت مخطئاٍ فإنّ التّطوّر إلى المقاومة المسلحة
يكون مفهوماً و مُبرّراً. كما قال جون كندي:
"أولئك الذين يجعلون الثورة السلميّة
مستحيلة يجعلون الثورة المسلحة حتمية".
لقد تمّ اعتقالي مع "باسل الأعرج" عدّة
مرّات وعرفته من 2009 إلى 2014 مفكراً و كاتبا ومناضلا ومن أكثر الناس معطائا ومحبة لوطنه والآخرين وهذا يكفي و حين اعتقلته
قوات الأمن الفلسطيني مع مجموعة من رفاقه
سنة 2016، صُدِمتُ و كتبت الرسالة البريديّة
الإلكترونيّة التالية لمجموعة المراسلة:
"
باسل الأعرج في سجنٍ فلسطيني. و هو شاب فلسطيني صيدلاني كان يعمل في صيدلية في
مخيم شعفاط في القدس. عرفته لأنّه من الولجة قرية كانت تناضل حين كانت
"إسرائيل" تبني جداراً حول ما تبقّى من بيوتها (الآن 90%من السكان
لاجئون في مكانٍ آخر). لقد سرق المستعمرون الإسرائيليّون أراضي القرية و آبارها
الارتوازيّة سنة 1948 و ما يزالون مستمرّين في سرقتهم حتّى يومنا هذا. باسل يحب فلسطين
و يكره الظلم. و باسل كبقية الشباب الصغار بحثوا عن مخرج وحرية. شارك في المظاهرات
السلميّة في قريته و لكنه لم يكن راضياً عن النتائج. عندما أعطيته نسخة
من كتابي عن المقاومة الشعبية باللغة العربية في 2013 عاد بسرعة ليزوّدني بانطباعاته عنهو قال إنّ الكتاب بحاجة
لتحرير لغوي ولكن محتواه ممتاز!. وعاد إلي بالعديد من الأسئلة والشغف
لتعلم المزيد، على وجه الخصوص كان مبهورا بذلك الجزء المتعلق بكيف سمى الفلسطينيون
عن الانقسامات في عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن الماضي (أكثر من 12 فصيل مقاتل
وقوة شرطة فلسطينية تعمل مع الإنجليز) وصولا إلى ثورة 1936. قال إنه تعلم من الكتب
الكثير عن تاريخ النضال الفلسطيني وكان يعرف صديقنا الشهيد بهاء عليان الذي نظم
حلقات قراءة في القدس..
حاول
أساليب أخرى من الكفاح. فحاول هو و آخرون معه أن يغلقوا الطريق المؤدية إلى
مستعمرة "معالي أدوميم". أيضا كنا أنا وهو و أربعة آخرون الفلسطينيّين السّتّة الذين تمّ اعتقالنا على
حافلة المستوطنين في حزمة فيما سموه هؤلاء
الشباب باص الحرية. رحمه لله.
أنا لست
قلقاً بأن القضية الفلسطينية ستموت (أنا متفائلٌ بطبيعتي) و لكنّ الأنانيّة، و
الأنا، و عجز القادة الذين نصّبوا أنفسهم بأنفسهم يستطيع فقط تأخير التّحرّر
الحتمي و يوجد أناساً رغّابين و قادرين على تحرير أنفسهم. "باسل" و
صديقان له اعتقلتهما الآن السلطة الفلسطينيّة....". نعم، لقد كان
"باسل" ضدّ اتفاقيّات "أوسلو" و ضدّ كل تركيبة السلطة
الفلسطينيّة تحت الإحتلال. ويذكرنا ما قاله الشهيد عبد القادر
الحسيني "إن التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين ، وإنني
سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم".
قال لي "باسل" إنّ المهاجرين الجّدد
إلى بلدانٍ معيّنة كالولايات المتحدة يبنون مراكز لحِفظ تراثهم. و أمثلة ذلك
المدينة الصينيّة في "نيو يورك" و في "كاليفورنيا" و في بلدان
غربية أخرى. و أضاف: " فعلنا الشيء نفسه في الولجة الجديدة للمحافظة على
تراثنا وحتما سنعود إلى الولجة الأصلية. لقد مثّلت الولجة الجديدة تهديداً
للممستوطنات اليهوديّة الاستعماريّة و تهديداً للقدس الغربيّة (بسبب موقعها
الجغرافي) و لكن لدينا الكثير من المشاكل...و هي مشكلة الذين ارغمهم الاحتلال على
ترك بيوتهم، و مشكلة اللاجئين، و مشكلة سرقة مياهنا الجوفيّة، و مشكلة الجدار المبني
على أراضينا، و مشكلة تدمير البيوت، و مشكلة التمييز العنصري، و مشكلة حقوق
المواطنة. إنّ المقاومة ردّ فعل طبيعي (على هذا)....و فلسطين هي عبارة عن
ميكروكوزم الأشياء التي تدور حول العالم".
رنّت كلماته التّنبّؤيّة هذه في أذنيْ حين سمعت
عن نبأ استشهاده. كما ذكرت في البداية، إنّ آخرين كتبوا عن إعدام "باسل".
إحتجز جثمانه 10 أيام وحضر جنازته الآلاف ولم يكن هنالك شعارات أحزاب أو فصائل.
فقط العلم الفلسطيني كما أراد باسل. بكيت عدة مرات خلال مراسيم الجنازة لأسباب لن
أتحدث بها منها عندما رأيت وجههة وعندما حياه والده (أبو السعيد) بالتحية العسكرية
وعندما رأيت صديقة له تبكي بحرارة وعندما رأيت لاصقة من حركة فتح – شعبة الولجة
تنعاه. ولكن كما قلت في البداية معظم ما كتبت كان قبل استشهاده وهي كلماته الحية
التي لن تموت وستبقى مع الأجيال القادمة حتى وبعد التحرير القادم لا محالة. آثَرت أن أذكر لكم ما قاله لي هو شخصيّاً عن
حياته و عن عائلته. و هذه هي وصيّته الأخيرة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
تحية العروبة والوطن والتحرير
أما بعد،
إن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أني قد مِتُّ، وقد
صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلبٍ سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا
ذرة رياء. لكم من الصعب أن تكتب
وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني
تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن
أسئلة الشهادة، وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيًا مقتنعًا وجدت أجوبتي، يا ويلي ما
أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ
طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا
عنكم فلتبحثوا أنتم أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله".